في تطوّر جديد يعكس نجاح الدولة التونسية في إدارة نزاعاتها الدولية، أعلن المركز الدولي لفض نزاعات الاستثمار عن إنهاء إجراءات الطعن بالإبطال المتعلقة بالملف التحكيمي للبنك الفرنسي التونسي. وجاء القرار، الصادر في 21 نوفمبر 2024، لصالح تونس، مما يشكّل نقطة تحول مهمة في هذا الملف الطويل والمعقّد.
استجابة الدولة التونسية وإيقاف الفوائض
أوضحت وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية، في بلاغ رسمي نُشر يوم السبت، أن المركز قرر الاستجابة لطلب الدولة التونسية القاضي بإنهاء إجراءات الطعن. وأبرز البلاغ أن هذا القرار جاء نتيجة استعداد تونس الطوعي لتنفيذ الحكم التحكيمي الصادر مسبقًا، وهو ما أدى إلى إيقاف جريان الفوائض القانونية المفروضة على المبالغ المستحقة خلال الفترة التي استغرقتها دراسة دعوى الإبطال. هذه الخطوة لم تسهم فقط في تخفيف الأعباء المالية، لكنها عزّزت صورة تونس كدولة تلتزم بواجباتها الدولية.
متابعة دقيقة وجهود قانونية متميزة
أكدت وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية أن هذا الإنجاز تحقق بفضل الجهود الكبيرة لجهاز المكلف العام بنزاعات الدولة. تولى هذا الجهاز متابعة ملف النزاع منذ بدايته، مع الإشراف على جميع مراحل الدعوى التحكيمية، والتي تُعتبر واحدة من أقدم وأهم القضايا التي عرضت أمام المركز الدولي لفض نزاعات الاستثمار. الأداء المتقن والتنسيق المحكم في هذا الملف يعكسان الجدية والكفاءة التي اعتمدتها تونس للدفاع عن مصالحها.
خلفية القضية وقيمة التعويض
يُذكر أن المركز الدولي لفض نزاعات الاستثمار سبق أن أصدر حكمًا تحكيميًا في القضية بتاريخ 22 ديسمبر 2023. ألزمت المحكمة الدولة التونسية بدفع تعويض مالي بقيمة 1.106.573 دينار تونسي، وهو مبلغ يقل كثيرًا عن المطالبات الأصلية التي قُدّرت بحوالي 37 مليار دينار تونسي. نجاح تونس في تقليص قيمة التعويض إلى هذا الحد يعد إنجازًا كبيرًا في حد ذاته، خاصة بالنظر إلى حجم وطبيعة المطالبات التي رفعتها الجهة المدعية.
أهمية القرار وتأثيره على مستقبل التحكيم الدولي
يمثل هذا القرار انتصارًا بارزًا لتونس، ليس فقط من الناحية المالية، ولكن أيضًا من حيث تعزيز مكانتها القانونية والدبلوماسية على الساحة الدولية. يبرهن النجاح في هذه القضية على قدرة الدولة على إدارة نزاعات معقّدة وذات أبعاد دولية، ما يعزز الثقة في منظومتها القانونية والسياسية. كما أن إيقاف الفوائض القانونية سيساهم في تقليص الأعباء المالية على الدولة، ما يتيح تركيز الموارد على مشاريع تنموية أخرى.
بهذا الإنجاز، تُثبت تونس قدرتها على تحقيق نتائج إيجابية في النزاعات الدولية، بفضل الالتزام بالاستراتيجيات القانونية المدروسة والكفاءة العالية للمسؤولين عن إدارة هذه الملفات. يُنتظر أن يترك هذا القرار بصمة إيجابية على العلاقات الاقتصادية والقانونية لتونس مع المؤسسات الدولية، وهو ما يمهد الطريق لتحسين المناخ الاستثماري وتعزيز الثقة لدى المستثمرين الأجانب.