حققت تونس خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024 تقدمًا لافتًا في مجال جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث بلغت قيمة الاستثمارات الخارجية 2125.9 مليون دينار (م.د). ووفقًا لبيانات صادرة عن وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي (وهي هيئة عمومية)، شهدت هذه الاستثمارات نموًا بنسبة 14.4% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، والتي بلغت خلالها الاستثمارات 1858 م.د.
تفاؤل بتحقيق الأهداف السنوية
صرّح حاتم السوسي، المدير المركزي في وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، بأن تونس قادرة على تحقيق الهدف السنوي لعام 2024 المقدر بـ2400 مليون دينار، خصوصًا مع توقع زيادة عدد المشاريع المصرّح بها خلال الربع الأخير من العام. كما أشار إلى طموحات الحكومة المستقبلية، حيث تستهدف تونس جذب استثمارات بقيمة 3400 مليون دينار في عام 2025، ورفع الرقم إلى 4000 مليون دينار في عام 2026.
توزيع الاستثمارات بين القطاعات
- لاستثمارات المباشرة وغير المباشرة:
بلغت قيمة الاستثمارات الخارجية المباشرة 2092.3 م.د بحلول نهاية سبتمبر 2024، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 21.5% مقارنة بـ1726.6 م.د في نفس الفترة من عام 2023. أما استثمارات الحافظة المالية (الاستثمار في البورصة)، فقد تراجعت بشكل كبير بنسبة 75.4% لتصل إلى 33.6 م.د مقابل 236.4 م.د في العام السابق. - القطاع الصناعي في الصدارة:
استحوذ قطاع الصناعات المعملية على النصيب الأكبر من الاستثمارات المباشرة، حيث بلغت قيمتها 1232 م.د، مقارنة بـ1006.7 م.د في العام السابق، ما يمثل زيادة بنسبة 22.4%. وأوضح السوسي أن الاستثمارات في هذا القطاع جاءت مدفوعة بمشاريع كبيرة في مجال التحول الطاقي والرقمي، إلى جانب التزام المستثمرين الأجانب بالمعايير البيئية العالمية. وأضاف أن قرب تونس من الأسواق الأوروبية ساهم في جذب الشركات العالمية للاستثمار فيها. - قطاع الطاقة يشهد طفرة:
تضاعفت الاستثمارات في قطاع الطاقة لتصل إلى 534.2 م.د مقارنة بـ357.5 م.د في العام السابق، مسجلة نموًا بنسبة 49.4%. وأرجع السوسي هذا التطور إلى تسارع المشاريع المرتبطة بالطاقات المتجددة، بما في ذلك إنشاء محطات لإنتاج الكهرباء وتنفيذ عقود جديدة. - النمو في القطاع الفلاحي:
شهد الاستثمار الأجنبي في القطاع الفلاحي قفزة كبيرة بنسبة 237%، حيث بلغت قيمته 19.2 م.د مقارنة بـ5.7 م.د في عام 2023. واستثمرت شركتان أجنبيتان في هذا القطاع باستخدام أحدث التقنيات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي، حيث تركزت جهودهما على مشاريع إنتاج الخضروات والفواكه باستخدام المياه الجوفية الحارة. - تراجع في قطاع الخدمات:
على الجانب الآخر، انخفض الاستثمار المباشر في قطاع الخدمات بنسبة 12.7% ليصل إلى 307 م.د مقارنة بـ351.6 م.د في نفس الفترة من العام السابق.
التوزيع الجغرافي والجنسيات المستثمرة
- التوزيع الجغرافي:
أظهرت البيانات تركز 52% من الاستثمارات الخارجية المباشرة في إقليم تونس الكبرى بقيمة 810.6 م.د، منها 387.2 م.د في ولاية تونس وحدها. وحل إقليم الشمال الشرقي ثانيًا بنسبة 26% من الإجمالي، بقيمة 403.6 م.د. - الجنسيات المستثمرة:
واصلت فرنسا تصدر قائمة المستثمرين الأجانب في تونس، باستثمارات بلغت 464.9 م.د، تلتها ألمانيا بـ241.9 م.د، ثم إيطاليا بـ209.8 م.د. جاءت قطر رابعًا بـ97.1 م.د، والولايات المتحدة خامسًا بـ88.3 م.د.
تأثير الاستثمارات على التشغيل
أسهمت الاستثمارات المباشرة، خارج قطاع الطاقة، في تنفيذ 701 مشروع استثماري بقيمة 1558.2 م.د، مما أدى إلى خلق حوالي 9906 فرصة عمل مباشرة، وفقًا للبيانات الإحصائية.
تُظهر هذه الأرقام أن تونس تسير بخطى ثابتة نحو تعزيز موقعها كوجهة جاذبة للاستثمارات الخارجية، مستفيدة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي، والإصلاحات الاقتصادية، والتركيز على القطاعات الواعدة مثل الطاقة المتجددة، التحول الرقمي، والتكنولوجيا الزراعية الحديثة.