أكد المحلل المالي، بسام النيفر، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات)، أن إصدار القرض الرقاعي الوطني لا يزال قائماً، مشيراً إلى أن الترخيص متوفر، لكن تنفيذه مرتبط بتطورات السوق وقد يتم تأجيله للأشهر القادمة. وأوضح أن السلطات قد تنتظر انخفاضاً إضافياً في نسبة الفائدة المديرية لتقليل كلفة الإصدار.
وأضاف النيفر أن هذا التأجيل يعتبر مؤشراً واضحاً لاحتمال تواصل تراجع الفائدة في المرحلة القادمة، خاصة في ظل التغيرات الاقتصادية والتجارية العالمية. ويرجّح أن الحكومة تسعى لتقليص كلفة الاقتراض عبر اختيار التوقيت الأنسب للإصدار.
فائض الميزانية يقلل الحاجة للقرض الرقاعي
دعم النيفر تحليله بالبيانات، مشيراً إلى أن ميزانية الدولة سجلت فائضاً يفوق 2 مليار دينار حتى نهاية مارس 2025، ما يعكس – حسب رأيه – عدم وجود حاجة ملحة لإصدار القسط الأول من القرض الرقاعي في هذه المرحلة.
وأشار أيضاً إلى أن الدولة لم تستغل سوى 2650 مليون دينار من أصل 7 مليارات دينار تم الحصول عليها كقرض من البنك المركزي، ما يمنحها هامش تحرك مريح نسبياً دون اللجوء العاجل إلى السوق المالية.
المالية لم تصدر أي قسط رغم مضي نصف السنة
حتى الآن، ومع اقتراب نهاية النصف الأول من سنة 2025، لم تقم وزارة المالية بإصدار أي قسط من القرض الرقاعي الوطني المدرج في قانون المالية بقيمة 4.8 مليار دينار.
وكان من المفترض أن يتم إصدار القسط الأول بقيمة 1200 مليون دينار، لكن تم عوضاً عن ذلك إصدار رقاع خزينة قصيرة المدى بتاريخ 20 فيفري بقيمة 1.2 مليار دينار، وهو ما فسّره النيفر بكونه خياراً أكثر كفاءة من الناحية المالية مقارنة بإصدار قرض رقاعي طويل المدى بفوائد مرتفعة.
واعتبر النيفر أن اختيار وزارة المالية سداد رقاع خزينة بـ52 أسبوعاً كان قراراً محسوباً ويدل على حسن التصرف المالي.
مواعيد ثقيلة لخلاص الديون في جوان 2025
تحدث النيفر عن شهر جوان 2025 باعتباره الأصعب على الخزينة العامة، نظراً لحجم الديون المزمع سدادها خلاله. وتشمل هذه المبالغ:
- 3064.5 مليون دينار كإجمالي ديون داخلية مستحقة.
- يوم 9 جوان: 170.4 مليون دينار (رقاع خزينة 26 أسبوع).
- يوم 10 جوان: 48 مليون دينار (رقاع خزينة 52 أسبوع).
- يوم 11 جوان: 799.6 مليون دينار (رقاع خزينة).
- يوم 18 جوان: 1000 مليون دينار (رقاع خزينة 26 أسبوع).
- يوم 19 جوان: 86.5 مليون دينار (رقاع خزينة 26 أسبوع).
- يوم 23 جوان: 960 مليون دينار (رقاع خزينة 52 أسبوع).
وأشار النيفر إلى أن هذا الحجم من السداد، مع غياب خطط لإصدار القرض الرقاعي، يشير إلى عدم رغبة الدولة حالياً في الاقتراض من السوق المحلية، على أن يتم ذلك في وقت لاحق من السنة.
قروض رقاعية سنوية… لكن بشروط مختلفة في 2025
منذ سنة 2014، دأبت تونس على إصدار قروض رقاعية وطنية لدعم الميزانية، وكان آخرها في قوانين المالية لسنة 2024 و2025. وجرى اعتماد ثلاثة أصناف اكتتاب: أ، ب، ج، مع آجال استحقاق تتراوح بين 5 و7 و10 سنوات ونسب فائدة متفاوتة.
وكان من المفترض أن تُصدر وزارة المالية شروط وضوابط اكتتاب القسط الأول من قرض 2025 في جانفي الماضي، مع بداية الاكتتاب في فيفري، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن.
يرى النيفر أن هناك حيزاً زمنياً كافياً لإصدار باقي الأقساط من القرض الرقاعي، لكنه لفت إلى أن تطور الدين العمومي قد يدفع وزارة المالية إلى الاعتماد بشكل أكبر على الإيرادات الجبائية والموارد الداخلية بدل الاقتراض، خاصة في ظل توفر 7 مليارات دينار من البنك المركزي لم تُصرف بالكامل.