كشف تقرير حديث صادر عن شركة كاسبرسكي، الرائدة في مجال الأمن السيبراني، عن توجه عالمي متزايد نحو تعزيز الاستثمارات في الأمن المعلوماتي. حيث تخطط المؤسسات والشركات في جميع أنحاء العالم لزيادة ميزانياتها المخصصة للأمن المعلوماتي بنسبة تصل إلى 9% خلال العامين المقبلين. يعكس هذا التوجه قلقًا متزايدًا إزاء الخسائر المالية الفادحة الناجمة عن الحوادث السيبرانية، والتي باتت تشكل تهديدًا حقيقيًا لاستمرارية الأعمال.
تحليل شامل لتوجهات الأمن السيبراني من كاسبرسكي
يقدم تقرير كاسبرسكي السنوي “اقتصاد أمن تكنولوجيا المعلومات” تحليلًا شاملاً للاتجاهات السائدة في مجال الأمن السيبراني. يتناول التقرير جوانب متعددة تشمل ميزانيات الأمن السيبراني، وتسريب البيانات، والتحديات الاقتصادية التي تؤثر على قرارات الإدارات التنفيذية في الشركات. وقد شملت دراسة هذا العام بيانات من 27 دولة موزعة على قارات أوروبا وآسيا والمحيط الهادي والشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا وأمريكا الشمالية واللاتينية. اعتمد التقرير على مقابلات مباشرة مع متخصصين في الأمن السيبراني يمثلون قطاعات وأحجام شركات متنوعة، ما يمنحه مصداقية وشمولية.
أرقام تكشف حجم الاستثمارات والخسائر
كشفت الدراسة عن تباين في حجم الاستثمارات بين الشركات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة. ففي المتوسط، تخصص الشركات الكبرى مبلغًا قدره 5.7 مليون دولار للأمن السيبراني من إجمالي ميزانية تقنية معلومات سنوية تبلغ 41.8 مليون دولار. بينما تخصص الشركات الصغيرة والمتوسطة حوالي 200,000 دولار للأمن السيبراني من ميزانية سنوية إجمالية تبلغ 1.5 مليون دولار. وفي فرنسا تحديدًا، بلغ متوسط الاستثمارات في الأمن السيبراني 968,000 دولار، من ميزانية تقنية معلومات عامة تبلغ 5.3 مليون دولار.
أما فيما يتعلق بالخسائر الناتجة عن الحوادث السيبرانية، فقد سجلت الشركات الكبرى في عام 2024 ما يقارب 11.6 حادثًا في المتوسط، بتكلفة إجمالية بلغت 6.2 مليون دولار لكل شركة. ورغم امتلاكها لبنية تحتية متطورة، إلا أن تعقيد الأنظمة وكبر حجم العمليات يزيد من صعوبة التعامل مع هذه الحوادث بفعالية. في المقابل، واجهت الشركات الصغيرة والمتوسطة حوالي 14 حادثة سيبرانية في المتوسط، بتكلفة 300,000 دولار لكل شركة، أي ما يعادل 1.5 ضعف ميزانيتها المخصصة للأمن السيبراني. يعزى ذلك بشكل كبير إلى ضعف البنية الأمنية والاعتماد المتزايد على الخدمات السحابية غير المؤمنة. أما في فرنسا، فقد بلغ متوسط الحوادث السيبرانية التي واجهتها الشركات حوالي 14 حادثة سنويًا، بتكاليف معالجة وصلت إلى 500,000 دولار للشركة الواحدة.
دوافع زيادة الاستثمارات في الأمن السيبراني
حدد فينيامين ليفتسوف، نائب رئيس مركز الخبرة التجارية لدى كاسبرسكي، ثلاثة عوامل رئيسية تدفع المؤسسات لزيادة ميزانياتها في مجال الأمن السيبراني:
- تعقيد الهجمات السيبرانية: تتطور الهجمات السيبرانية باستمرار، ما يجبر الشركات على تبني حلول أكثر تطورًا للكشف عن التهديدات والاستجابة لها بفاعلية.
- التشريعات الحكومية: تفرض الحكومات تشريعات جديدة ومتطلبات تنظيمية لتعزيز السيادة الرقمية، ما يتطلب من الشركات زيادة الإنفاق على الأمن السيبراني للامتثال لهذه القوانين.
- ارتفاع تكاليف توظيف المتخصصين: يشهد سوق العمل طلبًا متزايدًا على خبراء الأمن السيبراني، ما يؤدي إلى ارتفاع رواتبهم ومكافآتهم، وبالتالي زيادة النفقات على هذا الجانب.